صحيفة أمريكية: أوروبا بين معضلة زيادة الإنفاق العسكرى والرعاية الاجتماعية

صحيفة أمريكية: أوروبا بين معضلة زيادة الإنفاق العسكرى والرعاية الاجتماعية

 

تواجه دول أوروبا خيارًا صعبًا بين زيادة الإنفاق العسكري والتمسك ببرامج الرعاية الاجتماعية.

وفقًا لتقرير نُشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية فالعديد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، تجد نفسها في موقف معقد.. فعلى الرغم من التحديات الأمنية المتزايدة، لا تزال هذه الدول مترددة في تقليص نفقاتها الاجتماعية السخية التي أصبحت جزءًا من استقرار مجتمعاتها بعد نهاية الحرب الباردة.

بين الأمن والرعاية

بعد انتهاء الحرب الباردة، خفضت العديد من الحكومات الأوروبية إنفاقها العسكري بشكل كبير، مستثمرةً المليارات في البرامج الاجتماعية. في ذلك الوقت، كانت أوروبا تشعر بالأمان تحت مظلة الحماية التي توفرها الولايات المتحدة.

 لكن مع تصاعد التوترات العالمية، وعودة الحرب في أوكرانيا، وجدت أوروبا نفسها بحاجة لتعزيز قدراتها العسكرية. 

ومع ذلك، فإن التحول من الإنفاق الاجتماعي إلى الإنفاق العسكري بات تحديًا كبيرًا.

الوضع في ألمانيا

ألمانيا، باعتبارها أكبر اقتصاد أوروبي، وجدت نفسها في قلب هذه المعادلة الصعبة، فعلى الرغم من التزامها بزيادة الإنفاق العسكري، فإن الواقع يشير إلى ضعف جاهزيتها، حيث تقلصت القوات المسلحة الألمانية التي كانت تفتخر بقوامها الضخم خلال الحرب الباردة، بشكل ملحوظ، مع قلة الدبابات والمعدات الحديثة. 

وعبر وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، عن إحباطه من قلة التمويل المخصص لتعزيز قدرات الجيش، قائلاً إن ذلك يعوق الاستجابة للتهديدات المتزايدة.

التحدي الأمريكي

تعول الولايات المتحدة على أن أوروبا ستتحمل مسؤولية أكبر في تأمين نفسها، خاصة مع تصاعد الدعوات الأميركية، سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين، لزيادة الإنفاق العسكري الأوروبي.

 الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمرشح المحتمل في الانتخابات القادمة، كان قد انتقد بشدة الدول الأوروبية التي لم تصل إلى هدف حلف الناتو بإنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، مطالبًا بزيادة هذه النسبة إلى 3%.

الضغط على الدول الأوروبية

عدد قليل من الدول الأوروبية، مثل بولندا ودول البلطيق، يقترب من تحقيق نسبة 3% من الإنفاق العسكري في حين أن دولًا كبرى مثل المملكة المتحدة، إيطاليا، وإسبانيا ما زالت بعيدة عن هذا الهدف.

 وتواجه ألمانيا بشكل خاص تحديًا هائلًا؛ وفقًا لتقرير معهد كيل للاقتصاد العالمي، قد يستغرق الأمر 100 عام لإعادة تسليح الجيش الألماني بمعدلات الإنفاق الحالية.

تأثير الرعاية الاجتماعية

على الجانب الآخر، يُعد نظام الرعاية الاجتماعية في ألمانيا أحد أكبر النظم في العالم، حيث أنفقت الدولة 1.25 تريليون يورو على برامج الرعاية الاجتماعية في العام الماضي، ما يشكل 27% من الناتج المحلي الإجمالي. 

وتخشى الحكومة الألمانية من أن أي تخفيض في الإنفاق الاجتماعي سيؤدي إلى تراجع الدعم الشعبي لأوكرانيا وإلى استياء داخلي، خاصة في ظل صعود أحزاب يمينية متطرفة مثل "البديل من أجل ألمانيا".

مستقبل أوروبا الأمني والاجتماعي

بعد مرور عامين على وعد المستشار الألماني أولاف شولتز برفع الإنفاق العسكري، لكن لا تزال الجهود بطيئة وغير كافية. 

يشير بعض المحللين إلى أن ما يُعرف بـ"نقطة التحول" التي وعدت بها الحكومة الألمانية لإعادة تسليح الجيش لم تحقق الأهداف المرجوة. ومن المتوقع أنه بعد نفاد الصندوق الاستثماري الخاص بالدفاع في عام 2028، ستحتاج ألمانيا إلى زيادة هائلة في ميزانية الدفاع الأساسية، وهو أمر يعتبره الخبراء غير واقعي في ظل الظروف الحالية.

في النهاية، يبدو أن أوروبا تقف أمام خيار مصيري بين تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة التهديدات المتزايدة والحفاظ على أنظمتها الاجتماعية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هويتها السياسية والاقتصادية.

 

 

 

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية